الظروف التي تحيط بملف قضية الصراع العربي الإسرائيلي والتطورات الراهنة بين واشنطن وتل أبيب، تجعلنا نستذكر ذكرى وفاة الشابة الأميركية «راشيل كوري» التي قتلت ضحية الاحتلال الإسرائيلي في 16 مارس/ آذار العام 2003، هذه الذكرى التي تحدثنا عن نموذج أميركي مميز يتحدث برمزية مقتل هذه الفتاة وأثره على كل من يتابع موضوع القضية الفلسطينية.
إن مرور الذكرى11 لمقتل راشيل كوري في مدينة رفح في غزة عندما دهسها جندي إسرائيلي بجرافة تزن تسعة أطنان وهو يراها تقف بوضوح كاف، عزلاء، بسترتها الفسفورية البرتقالية؛ لتحمي منزلا فلسطينيا اختاره الجيش الإسرائيلي لتدمير عائلتها ومن دعم القضية الفلسطينية من أفراد الشعب الأميركي.
ولمن لا يعرف راشيل كوري فهي مواطنة أمريكية، ولدت في العاشر من أبريل/ نيسان العام 1979، لعائلة من الطبقة المتوسطة، نشأت في مدينة أولمبيا في واشنطون، ودرست الفن في كلية إيفرجرين، لكن كان لها اهتمامات تطوعية في رعاية ذوي الاحتياجات الخاصة. وفي سنتها الأخيرة في الكلية، تقدمت بمشروع من أجل السفر إلى غزة ضمن نشاطاتها في حركة التضامن الدولية، وكان مضمون المشروع هو خلق توأمة بين مدينتي رفح (غزة) وأولمبيا (واشنطون)، وكان طموح راشيل كوري بأن تصبح صحافية وفنانة. وفي يوم 22 يناير/ كانون الثاني 2003، قدر لراشيل تطبيق مشروعها حيث سافرت إلى الأراضي المحتلة، وعبرت معبر إيريز ووصلت إلى مدينة رفح جنوب غزة.
وفي مقابلة مع إذاعة الشرق الأوسط (قبل مقتلها) ذكرت بأنها تشعر بوجود تدمير ممنهج لقدرة الناس الفلسطينيين على الحياة، وترى أن وجود آليات الجيش العسكرية تحيط بهم من أجل تدمير وقتل الناس الذين يحيطون بها وأثناء تناول الطعام معهم.
إن سرد موضوع راشيل كوري الآن مناسبة لندعو بها المؤسسات الرسمية والأهلية في البحرين لمواصلة الدعم مع أبناء الشعب الفلسطيني الصامد داخل غزة، وذلك من خلال تحقيق التوأمة التي كانت تريد تحقيقها هذه المواطنة الأميركية لشعب فلسطين.
لقد لعبت جمعية الأطباء البحرينية دورا حيويا ومهما جدا في كسر الحصار على غزة، وذلك بمشاركاتها المادية والمعنوية والبشرية، بل وضربت مثالا رائعا في التعاون والتنسيق مع الأجهزة الرسمية المتمثلة في الهيئة الملكية الخيرية واللجنة البحرينية الوطنية لمساندة الشعب الفلسطيني، ومع مؤسسات المجتمع المدني، وهذا لابد أن يستمر ولا يبقى مجرد ذكرى في لحظة ما ولكن من الضروري التواصل والتعاون مع كافة هذه الجهات التي بلا شك ستكون عاملا مساعدا لأهالي غزة