لا يختلف اثنان على أن روسيا هي أهم داعم سياسي لنظام بشار الأسد، يشهد على ذلك "فيتو" متكرر وعنيد، لطالما استخدم في جلسات مجلس الأمن حتى ضد إنشاء ممرات إنسانية لمناطق محاصرة؛ يستوجب الحسُّ الإنساني السويّ التعاون لفتحها، والسماح بها لتغذية أطفالٍ ورضّع مسَّهم الجوع والضرّ، كما يؤكده سيل من التصريحات المكرورة، بشكل دوري، على لسان الرئيس الروسي فلاديمر بوتين ووزير خارجيته سيرغي لافروف، بأنّ الأسد خارج أية تفاوضات، وأنه لا يحق لأحد مطالبته بالتنحي.
كما أنه من المعروف لدى الجميع، بأن ميناء طرطوس يحتضن أكبر قاعدة عسكرية لروسيا خارج أراضيها، والوحيدة في البحار الدافئة والمتوسط، بمساحة تصل إلى 140 دونماً، تنفذ إلى المحيط الأطلسي والبحر الأحمر والمحيط الهادي، وتتوسط الموانئ الساحلية في البحر المتوسط للاستراحة وشراء الاحتياجات والوقود للبوارج الروسية.
وخلال السنوات الـ13 الماضية شهدت القاعدة تعزيزات كبيرة جداً، وباتت مجهزة بمنظومة صواريخ متطورة جداً.
وتقريباً، تعتبر القاعدة الروسية في محافظة طرطوس الساحلية، غربي سوريا، أشهر ملامح الوجود الروسي في سوريا وأشهره، لكن "القلق" الأمريكي الذي أبداه وزير الخارجية جون كيري في اتصال مع نظيره الروسي سيرغي لافروف، قبل يومين، فتح العين على أن بعض ما نقلته صحيفة "يديعوت أحرونوت" العبرية، عن تعزيزات عسكرية روسية "ضخمة" وصلت إلى سوريا، وتم تأكيده اليوم بشكل لا يقبل الشك، قد يعني أنّ ما لم يتم تأكيده - وهو حديث الصحيفة عن مشاركة الطيران الروسي بضربات ضد مناوئي الأسد بغضون أيام - قد يكون صحيحاً وأكيداً أيضاً.
الحديث عن النفوذ الروسي في سوريا ذو شجون، حتى إن بعض المعارضين والنشطاء باتوا يطلقون وصف "وزير الخارجية السوري" على الوزير الروسي سيرغي لافروف، من شدة التناغم و"الحمية" التي يبديها الأخير في دفاعه عن نظام الأسد، لكن أشكال النفوذ بحسب ما كشفته وسائل إعلام دولية ومحلية، متنوعة وعديدة، ليس أقلها مشاركة قوات برية روسية في الحرب إلى جانب جيش الأسد، وليس أقصاها دعوة الأسد لروسيا "لتوسيع" ذاك النفوذ عبر النقاط التالية :
1. تعزيزات عسكرية ضخمة في قاعدة قرب دمشق
أفادت صحيفة "يديعوت أحرونوت" العبرية، الاثنين الماضي، أن روسيا بدأت بالفعل في التدخل العسكري في سوريا عبر قاعدة جوية "دائمة" ستكون منطلقاً لشن هجمات ضد تنظيم "الدولة" وتشكيلات المعارضة في سوريا المناوئة للأسد.
وذكرت الصحيفة نقلاً عن دبلوماسيين غربيين قولهم، إن من المتوقع أن يبدأ تدفق الطائرات الروسية إلى سوريا خلال الأيام المقبلة، حيث ستحلق هذه المقاتلات الحربية مع المروحيات في سماء البلاد، وإن طائرات التدخل السريع الروسية وصلت سوريا بالفعل، وأقامت معسكراً في قاعدة جوية تحت سلطة نظام بشار الأسد، يرجح أنها قرب دمشق.
وأضافت أنه في الأسابيع المقبلة سيتم إرسال آلاف العسكريين الروس إلى سوريا، بما في ذلك مستشارون ومدربون وعاملون في حقل الدعم اللوجستي، فضلاً عن فرق الدفاع الجوي والطيارين الذين سوف يحلقون بالمقاتلات الحربية فوق سوريا.
وهذه هي المرة الأولى التي يتم فيها الحديث عن قاعدة جوية قرب دمشق، وعن مشاركة روسية بالطيران الحربي، لكن ماذا قال الأسد بهذا الخصوص؟
2. الأسد يرحب بإنشاء قاعدة عسكرية جديدة
في لقاء صحفي مع وسائل إعلام روسية، أجرته وبثت نصه وكالة الأنباء الرسمية سانا في مارس/ آذار الماضي، رحب رئيس النظام بشار الأسد "بأي توسع" للوجود العسكري الروسي في المرافئ السورية، معتبراً أن ذلك من شأنه أن يعزز استقرار المنطقة.
وفي حديثه لقناة "زفيزدا" الروسية أوردت نصه وكالة أنباء "سبوتنيك" الروسية (26 مارس/ آذار الماضي)، حول ما إذا طلبت روسيا إنشاء قاعدة عسكرية قوية وجديدة في بلاده، قال بشار: "إن سوريا تنتظر مثل هذا الطلب، ودمشق ستوافق عليه".
وقال الأسد: "بالنسبة لنا كلما تعزز وجود روسيا في منطقتنا كان أفضل بالنسبة للاستقرار في هذه المنطقة".
لكن، ألم يرد الحديث عن نية روسيا إنشاء قاعدة عسكرية جديدة في سوريا سابقاً؟
3. قاعدة عسكرية روسية في جبلة
في 26 أغسطس/ آب الماضي، أوردت صحيفة الوطن السورية شبه الرسمية الموالية للأسد، أن روسيا تخطط لإنشاء قاعدة عسكرية أخرى في جبلة، وهي مدينة ساحلية قريبة من طرطوس وتابعة لمحافظة اللاذقية، على بعد 25 كم تقريباً جنوب الأخيرة. ويعد هذا أحد أهم التلميحات التي تعزز الفرضيات بتوسيع النفوذ الروسي في سوريا إلى شكل غير مألوف.
4. هجمات روسية مستقلة
في تقريرها ذاته، ذكرت صحيفة الوطن أن روسيا تقوم بتزويد النظام بصور للأقمار الصناعية، وتقوم بجمع قدر كبير من المعلومات، التي تسهّل إمكانية نشر قوات دولية تحت رعاية الأمم المتحدة، حسب زعمها.
وأضافت الصحيفة، أن الكرملين (البرلمان الروسي) يدرس إمكانية شن "هجمات روسية مستقلة"، بالإضافة إلى تلك المشتركة مع منظمة معاهدة الأمن الجماعي (روسيا وآسيا الوسطى التي أنشأت رداً على الناتو)، والتي من المقرر أن تعقد في طاجكستان، في 15 سبتمبر/ أيلول المقبل.
لكن ما الذي يجعل كلام الصحيفة الموالية للأسد محط نظر، ويخرجها من إطار تسويق "بروباغاندا قذرة"؟
يجيب "مايكل ويس"، معد تحقيق حول النفوذ الروسي في سوريا نشرته صحيفة "دايلي بيست"، بأن روسيا رُصدت مؤخراً وهي تتجسس على الجهات الدولية، مستخدمة الأراضي السورية.
5. فيلق روسي في صلنفة
في 12 أغسطس/ آب، نشر الموقع الإخباري المعارض "السورية نت"، أن فيلقاً روسيا تمركز في مدينة صلنفة التابعة لمحافظة اللاذقية، كجزء من قوة تابعة لوحدات المقاتلين الأجانب، وهي قابلة للزيادة، وتهدف إلى تحصين منطقة اللاذقية ذات الأغلبية العلوية.
وطبقاً للسورية نت، فإنّ "مهمة الفيلق الروسي هي الإشراف على مشروع إنشاء خطوط دفاعية بطريقة احترافية، وجرى تجهيزه بتجهيزات حديثة لتحرّي ومراقبة تقدّم قوات المعارضة، في حال تعرّض أي قرية تابعة للاذقية للاعتداء، هذه الخطوط الدفاعية تبدأ من مدينة صلنفة، وتنتهي قرب مدينة مصياف في ريف حماة".
أن الفريق الروسي الموجود في صلنفة هو جزء من فرق روسية أخرى موجودة في الكلية البحرية بمدينة جبلة الساحلية، وأن التيار الكهربائي لا ينقطع عن مناطق وجود الروسي في صلنفة أو في الكلية البحرية.
ومن اللافت، أنه وبعد يومين من نشر هذا التقرير، أكد الموقع نقلاً عن المتحدث الرسمي باسم "جيش الإسلام" النقيب إسلام علوش، إصابة ضابط روسي في مدينة صلنفة بريف اللاذقية ونقله إلى المستشفى، وذلك من جراء استهداف الجيش لمنطقة القصر الرئاسي في المدينة، وهو ما يمكن أن يثبت صحة المعلومات أعلاه.
6. عصابة "الفيلق السلافي"
في نوفمبر/ تشرين الثاني 2013، نشرت صحيفة "فونتانكا" الروسية، فضيحة حول "الفيلق السلافي"، وهم عصابة من المرتزقة، يتم تجنيدهم ونشرهم لحماية البنية التحتية لنظام الأسد، تحديداً آبار النفط، بحسب "ديلي بيست".
ووقعت عقود "الفيلق السلافي" من قبل شركة موران الأمنية، وهي شركة مقرّها الرئيسي في سانت بطرسبرغ، يديرها "فياتشيسلاف كلاشينكوف"، وهو ضابط احتياط برتبة مقدّم في جهاز الأمن الفدرالي الروسي FSB، ومما لا شكّ فيه أنه مرتبط بجهاز الاستخبارات الروسي.
الفضيحة تكمن بكون العملية فشلت بالكامل، إذ حاصر الثوار جميع أفراد الفيلق، المكون من 267 جندياً روسياً في السخنة، وهي بلدة تقع إلى الشرق من تدمر، جُرِح ستة منهم، اثنان كانا في حالة حرجة، قبل أن ينسحب الفوج بأكمله إلى قواعده، وهي إحدى المزارع الضخمة الموجودة بين اللاذقية وطرطوس، طبقاً للصحيفة الروسية، وهذا من الأدلة الدامغة، على أن هناك مليشيات روسية تقاتل إلى جنباً إلى جنب مع قوات بشار الأسد.
7. عملاء استخبارات
في يناير/ كانون الثاني من عام 2013، أطلق الثوار رصاصة الرحمة على وجه الخبير الروسي "سيرغي أليكساندروفيتش بيريزهنوي"، في مدينة داريا في ريف دمشق، وهو "يمضي إجازته في سوريا"، وبرفقته وسيلة إعلامية موالية للنظام ناطقة باللغة الروسية تدعى ANNA (شبكة الأنباء الأبخازية)، "بيريزهنوي" كان ضابطاً في جهاز الاستخبارات الخارجية الروسي، خبيراً في الحروب التي خاضها الانفصاليون الموالون لروسيا. كان هذا مثالاً فقط لوجود عملاء الاستخبارات الروس في الأراضي السورية.
8. محطة تجسس
في شهر أكتوبر/ تشرين الأول عام 2014 فكك الجيش السوري الحر، محطة تجسس روسية في بلدة تل الحارة جنوب القنيطرة، على الحدود مع إسرائيل.
في شهر أكتوبر/ تشرين الأول عام 2014 فكك الجيش السوري الحر، محطة تجسس روسية في بلدة تل الحارة جنوب القنيطرة، على الحدود مع إسرائيل.
ويظهر مقطع مصور، بثه الثوار، وثائق معلقة على الجدران، ومكتوبة باللغتين العربية والروسية، بما فيها رموز أجهزة الاستخبارات السورية والمديرية السادسة في جهاز الاستخبارات الروسي الخارجي (GRU)، وكذلك أظهرت الصور بعض الجواسيس من كلا البلدين وهم يعملون على فك الرموز وقراءتها، كما تظهر الخرائط التي تمّ عرضها، مواقع الثوار وإحداثيات لوحدات تابعة لوزارة الدفاع الإسرائيلية.
9. طواويس طواويس.. مقاتلون روس على التلفزيون الرسمي
بالمصادفة، خلال بث التلفزيون الرسمي التابع للأسد أحد تقاريره الإخبارية، الذي كان يبث من "جبهة اللاذقية"، أظهرت القناة آلية عسكرية روسية BTR والتقطت بما لا يقبل الخطأ أحد المتحدثين باللغة الروسية، في خلفية التقرير. كان الناطق بالروسية يعطي تعليمات عسكرية لفريق BTR-82A التي تقصف، ويوعز بالحرف ما ترجمته: "تعالوا بسرعة.. ارموا! أعيدوا الكرّة ثانية.. طواويس، طواويس.. نحن نتحرك الآن!".
وتستخدم مفردة طاووس للدلالة على الجندي الروسي، وهذا يعني أنّ أحد مشغلي هذه الآلية المدرعة هو عسكري روسي، وإذا أخذنا بعين الاعتبار أنّ ناقلة الجند BTR-82A كانت تطلق النار، كما ظهر في المقطع، فهذا بالذات دليل مقنع على أنّ الروس قد انخرطوا في صفوف الجيش السوري.
10. سفينة إنزال محملة بالعتاد
في 22 أغسطس/ آب الماضي نشر موقع البحرية التركي - البوسفور، وهو موقع يعنى بالأساطيل البحرية، صوراً تظهر سفينة الإنزال الروسية، من فئة التمساح "نيكولاي فيليتشينكوف" وهي قطعة تابعة لأسطول البحر الأسود، أثناء عبورها مجتازة الممر المائي الأكثر شهرة في إسطنبول، قبل يومين، متجهة نحو وجهة مجهولة في البحر المتوسط.
ولكن الأمر الذي كان ملاحظاً حول السفينة فيلتشينكوف، هو أنّ المعدات العسكرية كانت ظاهرة بشكل واضح على ظهر السفينة، تحديداً شاحنات كاماز، كما أنّ مشهد الأغطية القماشية في الشاحنات، يوحي لك بأن الحمولة الموجودة على ظهر السفينة، لا تقلّ عن أربع ناقلات جند قتالية BTR، بعيداً عن تلك التي يمكن أن تكون موجودة في مستودعات السفينة.
دعنا نلقي نظرة متأملة على صورة السفينة التي لا يبدو أن الروس كانوا حريصين بدرجة كبيرة على إخفاء ما تحمل:
11. ناقلات جند متطورة
وفي 24 أغسطس/ آب الماضي، كشفت مدونة أوريكس، والتي تتابع التحركات العسكرية في الشرق الأوسط وشمالي أفريقيا، أن ناقلات جند من نوع BTR -82A، رست في مدينة اللاذقية الساحلية.
وبشكل يختلف عن ناقلات الجند BTR من جيل الثمانينات التي أرسلتها روسيا سابقاً لسوريا، ومن بينها تلك التي أرسلت العامين الماضيين كجزء من صفقة نزع الأسلحة الكيمياوية، التي أبرمت بين موسكو وواشنطن، فإنّ ناقلة الجند BTR-82A التي رصدت في مدينة اللاذقية، تحمل رقماً هو 111، جرى تمويهه، فناقلات الجند BTR التقليدية لا تحمل أي علامات تكتيكية، وكانت جميعها مطلية باللون الخاكي، كما أن الناقلة التي يجري الحديث عنها هي حديثة جداً، إذ دخلت الخدمة عام 2013.
12. مستشارون أمنيون وتقنيون
"أناتولي سيرديوكوف"، وزير الدفاع الروسي، اعترف أوائل عام 2012، أي قبل أن يتسلم منصبه الحالي، أن روسيا لديها "استشاريون تقنيون وعسكريون" في سوريا.
وهذه التسميات لا تعني بالضرورة ما تعنيه تماماً في الغرب مثلاً، فبرأي "كريس هارمر"، وهو ضابط سابق في البحرية الأمريكية، ويعمل حالياً في معهد دراسات الحرب، أنه "في أمريكا، هناك خط واضح يفصل بين المستشار العسكري، العنصر في الجيش، وبين العنصر في CIA"، لكنّ "روسيا تموه هذه الخطوط الفاصلة".
ولا تخفي روسيا أن لديها خبراء ومستشارين أمنيين يوجهون قوات الأسد، لكنها أيضاً لا تكرر قول ذلك على غرار إيران مثلاً، وهي التي تدعو بشكل مستمر الأطراف السورية إلى طاولة حوار في موسكو.
اما بالنسبة الى موقف دولة الاحتلال الاسرائيلي من هذا التدخلالروسي فى روسيا...فيري احد المحللين التالي:
رأى مُحلل الشؤون العسكريّة في صحيفة (هآرتس) الإسرائيليّة أنّ تعزيز القوات الروسية في شمال سوريّة يأتي لضمان هدفين أعلى يرتبطان الواحد بالأخر: الإبقاء على سوريّة كذخر روسي وبقاء نظام الأسد. ولفت إلى أنّ طبيعة الاستعداد تكمن في إقامة قاعدة كبرى، إطلاق طائرات غايتها ضمان التفوق الجوي، التزود بمنظومات دفاعية، وهذا يدلّ على أنّ روسيا لا تكتفي بهدفها المعلن، تحسين القتال ضدّ الدولة الإسلاميّة داعش.
وبرأيه، فإنّ الانتشار المتزايد سيوفر غلافًا جويًا لمساعي الأسد العسكرية، ومساعدة إيرانية مكثفة (مؤخرًا أرسل إلى المنطقة نحو 1.500 مقاتل إضافي من الحرس الثوري) لصدّ تقدم الجبهة المشتركة لمنظمات الثوار في هوامش المنطقة العلوية، على حدّ تعبيره. وأوضح أيضًا قائلاً إنّه يُحتمل أنْ يكون حافز آخر للقرار الروسي هو المحاولة التركية لتثبيت منطقة حظر جوي في شمال سوريّة. وقال أيضًا إنّ أنقرة تُلمّح بنواياها، في ظلّ تشجيع معين من واشنطن، منذ عدة أشهر. وإعلان منطقة كهذه كان سيقيد جدًا مساعي الأسد لأنْ يُهاجم الثوار من الجو. أمّا مع وجود الروس في المحيط، قال هارئيل، فمشكوك أنْ تتمكّن تركيّا من تنفيذ خطتها، على حدّ قول المصادر الأمنيّة في تل أبيب، والتي اعتمد عليها.
ولفت إلى أنّ تصريح الرئيس الإيراني حسن روحاني في لقائه الذي أجراه مع ممثّلي وسائل إعلام أمريكية في نيويورك يوم الجمعة قد يحمل المفاجآت للوهلة الأولى: لا أرى تحالفًا بين إيران وروسيا في القتال ضدّ الإرهاب في سوريّة، كما قال روحاني، وناقض كما يُفترض مجموعة متنوعة من التقارير في الأسابيع الأخيرة حول التنسيق الوثيق بين موسكو وطهران في كل ما يتعلق بنشر قوات عسكرية روسية في منطقة اللاذقية في سوريّة. وبحسب هارئيل، على خلفية تصريحات روحاني غير الواضحة، تبدو الموافقة المقتضبة التي أعطاها الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، على سؤال مجري المقابلة الأمريكي، تشارلز روز، حول إذا ما كانت بلاده قد أرسلت قواتها من أجل منع سقوط نظام بشار الأسد (أجاب بوتين “أنت محقّ”) منعشة ببساطتها، تقريبًا. وتابع: لا ينبغي بطبيعة الحال تلقي تصريحات بوتين وروحاني على بساطتها.
ولكنها تشير إلى أنّه رغم التقارير حول زيارات قائد قوة “قدس″ الإيراني قاسم سليماني إلى موسكو، ونشر شبكة “فوكس″، يوم الجمعة بأنّ روسيا وإيران أقامتا مقرّ ارتباط في بغداد لتنسيق عمليات قواتهما في سوريّة، يمكن أن نعزو درجة من المصداقية لتقارير المراسلين الغربيين الموجودين في طهران ودمشق بخصوص أنّ خطوات روسيا الأخيرة تحديدا قد “فاجأت” القيادة الإيرانية ولم تكن بحسب رغبتها. حتى الآن، اعتُبرت روسيا وإيران حليفتين، وهدفهما المشترك هو الحفاظ على نظام الأسد، وزودت كل منهما النظام السوري بالسلاح، خطوط الائتمان والاستشارة العسكرية، في حين أضافت روسيا مظلة دبلوماسيّة بواسطة قوة الفيتو الخاصة بها في مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة، والتي منعت تحرّكات دبلوماسيّة ضدّ الأسد. ووفّرت إيران، بواسطة حزب الله وميليشيات شيعية أخرى، قوى بشرية ملأت صفوف الجيش السوري المتناقصة.
وقد انتهك الدخول المفاجئ للقوات الاستطلاعية الروسية التوازن في تحالف الأسد: تحوّلت روسيا من داعمة من بعيد إلى شريكة فاعلة على الأرض، وبين عشية وضحاها أصبحت عاملاً أكثر تأثيرًا بكثير، بشكل أطفى على السطح مصالحها المختلفة في بقاء نظام الأسد في دمشق. بالنسبة لقيادة الثورة الإسلامية في إيران، فإنّ الحفاظ على سوريّة في المحور الشيعيّ كخلية تربطها (وتربط المناطق الشيعية في العراق) ببؤرتها الأمامية، في لبنان، حزب الله، هو ضرورة وجودية تقريبًا. دون سوريا، فإنّ التأثير الإقليمي والقدرة على السيطرة عن بُعد فيما يحدث بلبنان، على التوجيه، على التسليح والدفاع عن حزب الله كعنصر قوة رئيسي، كان سيتضرّر بشكل خطير. وشدّدّ المُحلل على أنّ قرار بوتين بالمخاطرة واستثمار الموارد، رغم ذلك، في سوريّة، يمنع بشكل أساسيّ من استغلال الفراغ الناشئ من تقاعس الإدارة الأمريكية في الشرق الأوسط، وخلق نفوذ يساعد روسيا على إعادة احتلال موقعها في الساحة الدولية والذي فقدته في أعقاب غزو أوكرانيا في السنة الماضية.
أصبحت سوريا، الأسد والمصالح الإيرانية أيضًا رهائن للأهداف الجيوسياسية لدى بوتين. يمكن للرئيس الروسي على سبيل المثال أن يقرّر، كما يفترض أنه وافق في لقائه مع بنيامين نتنياهو في الأسبوع الماضي، تنسيق خطواته مع إسرائيل أيضًا والسماح لسلاح الجو الإسرائيلي بالاستمرار في الطيران فوق سوريّة ومهاجمة قوافل السلاح التابعة لحزب الله يمكنه، بالاتفاق مع أوروبا والولايات المتّحدة، أنْ يفرض على الأسد انتخابات وتعاون مع المعارضة، حتى أولئك الذين يعارضون التدخّل الإيراني في سوريّة.
وخلُص المُحلل إلى القول إنّ دخول روسيا إلى الساحة يطرح احتمال أنّ الأراضي السوريّة التي تبقّت تحت سيطرة نظام الأسد، أوْ مَنْ سيأتي مكانه، قد تصبح تحديدًا دولة تحت الرعاية الروسية، وليست مقاطعة إيرانية شيعية، وفي نظر الغرب ربما لا يشكل هذا الاحتمال فرصة كبيرة، ولكن بالنسبة للكثير من السوريين فسيكون أفضل بكثير من الخيارات الأخرى، على حدّ قوله.
|