==============
تركيا دولة عظمى و لا يجب أن تخضع لمزاج الأشخاص و تغيير الدستور الذي يمكن من تخليد الحكم لاردوغان أو لغيره. يجب على أردوغان فهم الدرس جيدا لأن الضغط يولد الانفجار. إن الانقلاب العسكري من مظاهر التخلف و انحلال المؤسسات لا يجب أن أن يكون القانون ضعيفا أمام أي كان و أن يكون القانون هو الحاكم الفعلي للبلاد لأن الديماغوجية و لو أدت إلى الفوز في صناديق الاقتراع لا تضمن الاستقرار. إن الضامن الحقيقي للاستقرار هو الديمقراطية و حقوق الانسان و سمو القانون. أما السيطرة على الحزب و الدولة لن يفيد في شيء و سوف يدمر البلاد. وبهذا ندرك ان تركيا ليست دولة افريقية ستقبل بكل سهولة بنجاح الانقلاب بعد كل هذه المتغيرات الاخيرة خلال 13 سنة في تركيا من حكم اردوغان لها.
إن نجاح تجربة حزب العدالة والتنمية التركي لم تتم بين عشية وضحاها، بل هي تتويج لمسار طويل من التجريب والصراع والتهميش، ومن الخطأ أن نفصل هذه التجربة السياسية عما سبقها من محاولات ثرية، لا سيما تجربة الزعيم نجم الدين أربكان عبر مختلف الأحزاب التي أسسها منذ عام 1970 وتم منعها، بدءا من حزب النظام الوطني، مرورا بحزب السلامة الوطني وحزب الرفاه الإسلامي، وصولا إلى حزب الفضيلة الذي تأسس في ديسمبر 1998 إلى أن تم حظره في يونيو 2001، ومباشرة بعد ذلك سوف يؤسس تيار "المجددين" المنحدرين من حزب الفضيلة المنحل حزب العدالة والتنمية في غشت 2001، الذي سوف يقتحم الحياة السياسية في البلاد بشكل كاسح منذ 2002 في مختلف الانتخابات البلدية والتشريعية والرئاسية. من هذا المنطلق، يظهر أن التجربة السياسية الإسلامية في تركيا ليست وليدة اليوم، وإنما تبلورت عبر حوالي نصف قرن من المحاولة والإخفاق والحظر والمتابعة، لذلك فإن النجاح السياسي الذي يحققه اليوم حزب العدالة والتنمية على شتى الصعد ليس شكليا ولا آنيا، وإنما يتجذر بشكل عميق في الوعي الجمعي والمؤسسي التركي.
عند سماعي الان خبر الاتقلاب في تركيا كان صدمة بالنسبة لي كباحث اكاديمي مختص في العلاقات الدولية، ليس لأنني من مناصري حزب العدالة والتنمية الذي يتزعمه أردوغان، بل لأنني باحث يؤمن بالديمقراطية كأفضل إمكانية للعيش المشترك بين البشر، وكاختيار لا رجعة عنه ولا محيد لحسم الخِلافات مع كل الفرقاء، على اعتبار الديمقراطية هي التجسيد الفعلي لاحترام قيم الاختلاف والقدرة على تدبير الاختلاف وهذا ما اتمناه ان يحدث في غزة عبر انهاء الانقاسم بين حركة فتح وحماس.كما يجب ان لا ننسي ان تركيا هي عضو في حلف الناتو وان جيشها هو مصنف ب 6 جيش في العالم وان ارادة الشعب التركي سوف تهزم الانقلاب الحاصل الان في يوم 15-07-2016..عبر المراهنة علي الشعب التركي وأغلبية مكوناتة من عسكريين معتدلين، وأحزاب، وسياسيين، وإعلاميين، ونخب اقتصادية، ونخب فنية..، نعم ان الشعب التركي ضاق ذرعا بالانقلابات العسكرية (خمسة انقلابات1960197119801997وآخرها انقلاب الجمعة الأخير 2016)، وهي انقلابات تستخدم قناع حماية الديمقراطية والقيم العلمانية، ثم تُغرق البلاد في الفساد والاستبداد، الشعب التركي تذوق قيمة الحياة الديمقراطية، والحياة في حرية، حرية التعبير، حرية الاختيار، حرية الاختلاف خلال 13 سنة من حكم اردوغان.
أن هذا الانقلاب سوف يكون مآله الفشل إن عاجلا أم آجلا، لأن الشعب التركي سوف لن يقبل بأن يعود وطنه إلى نقطة الصفر، لا سيما وأن تجربة حزب العدالة والتنمية السياسية يمكن اعتبارها إيجابية بكل المقاييس، ليس على المستوى الرمزي أو الشكلي، وإنما على أرض الواقع اليومي؛ حيث الناس يعيشون فعليا "العدالة" الاجتماعية والسياسية والإعلامية والقانونية، ويقطفون ثمار "التنمية" التي تغطي مختلف قطاعات المجتمع، من تعليم وصحة وعمل وسياحة وبنيات تحتية، وغير ذلك.
وهكذا بدأ، بُعيد سويعات قصيرة من تلاوة بيان الإنقلاب وتنفيذ الأحكام العرفية في مجموع البلاد، يلوح في الأفق أن تركيا اليوم بكل يقين أقوى من أن ينال منها انقلاب "أحمق" نفذته شرذمة من العسكريين ورجال الأمن. أجل، أقوى من أي زمن مضى بشعبها ذي الولاء التام لوطنيته التركية، وبرجالها الذين تعلموا أبجديات الديمقراطية وحقوق الإنسان في ظل علمانية شرسة، وبمؤسساتها السياسية والعسكرية التي يزداد عودها اشتدادا وقوة مع مرور الأيام، رغم الضغوط المختلفة التي تمارس على تركيا، سواء من الداخل أو من الخارج.
ثم إن الفهم الشمولي لهذه المعادلة السياسية المفاجئة (وهي معادلة من الدرجة المعقدة!) لا يمكن أن يتم في انفصال عن الأوضاع الإقليمية في منطقة الشرق الأوسط التي تشهد منذ سنين حركة سياسية تكتونية جذرية، وتعتبر تركيا طرفا رئيسا فيها. لذلك، وأنا أتابع تشعبات ومآلات هذه المحاولة الانقلابية التي بدا أنها تمضي إلى الفشل، تملكني سؤال مباغت وجوهري لاستيعاب طبيعة الحراك الشعبي العربي وملامحه ومصائره.
ان الديمقراطية هي صمام الأمان لكل دولة من الخونة وأعداء الداخل والخارج، بسيادة القانون فوق الجميع واستقلالية القضاء، واحترام كرامة المواطن، وعدم السماح دستوريا للمؤسسة العسكرية بالتدخل في الممارسة السياسية، وقوة الأحزاب السياسية تكمن في صراعها السياسي الراقي والمتحضِّر خدمة للمواطنين والوطن، وهذا الاختلاف التصورات والأطاريح السياسية التي تهدف حل الأزمات، الحرب على الفساد لا على الوطن، وتقوية الجبهة الداخلية تبدأ بالتربية على الديمقراطية، في الأسرة، المدرسة، المجتمع المدني، الإعلام الحر المستقل، وهذا ما تأكد تركيا تأرجح الخبر الإعلامي بين الحياد في نقل وقائع الانقلاب وبين التنديد به، لاستهدافه للتجربة الديمقراطية، وهذا ما جسدته الأحزاب التركية برفضها للانقلاب والتنديد به، أعلبية ومعارضة.
اكتب هذه السطور لحظة الاعلان عن الانقلاب ...وانا ضد الانقلابات بكل انواعها العسكرية ...اي الانقلاب الخشن
او الانقلابات الناعمة ...السياسة او البيضاء الخ
لانني مع احترام الديمقراطية فيها واحترام صندوق الاقتراع وراي الشعب فيها...كما لا يهمني شخص اردوغان بقدر ما يهمني الحفاظ على النوذج الديمقراطي التركي وعلى التعددية الحزبية
بداخل تركيا بعيدا عن حسابات المصالح...فالوطن واحد هو وحدة تركيا.
لذلك ان ما يفعلة الانقلابيون الان في تركيا شئ مرفوض ويجب محاسبتهم جميعا امام القضاء واتمني فشل هذا الانقلاب والتركيز على الحق الديمقراطي في الانتخابات
وفي الحق الدستوري لتداول السلطة في تركيا...كما ان فشل الانقلاب لا يعطي اردوغان وانصارة الحق في اقصاء الاخرين والتفرد بالسلطة لتصبح بيد رجل واحد هو اردوغان.
كما لاتنسوا التدخلات الخارجية المدفوعة الثمن لخلق الفوضي بتركيا ..حيث هناك العديد من دول غرب اروبا وغيرها تريد تفتيت تركيا او جعلها دولة علمانية بيد العسكر.
فهذا ليس هو الانقلاب الاول في تركيا واليكم تاريخ هذه الانقلابات التركية التي عادة ما تحصل كل عشر سنوات مرة على النحو التالي :
انقلابات تركيا من عام 1960 الى 2016
لم يكن الانقلاب العسكري الذي يجري في تركيا حاليا هو الاول من نوعه فقد حدثت عدة انقلابات عسكرية بدأت في العام 1960.
كان انقلاب 27 مايو 1960 هو أول انقلاب عسكري في تركيا، قام به مجموعة من ضباط القوات المسلحة التركية خارجين عن قيادة رؤساء الأركان، ضد الحكومة المنتخبة ديمقراطيًا لحزب الديمقراطية.
وقع الانقلاب في وقت من الاضطرابات الاجتماعية والسياسية والمصاعب الاقتصادية.
ووقع الانقلاب العسكري الثاني في 12 مارس عام 1971 وعُرف باسم "انقلاب المذكرة"، وهي مذكرة عسكرية أرسلها الجيش بدلاً من الدبابات، كما فعل في الانقلاب السابق.
وجاء ذلك وسط تفاقم النزاع الداخلي ولكن في نهاية الأمر لم يحدث تغييرًا يذكر لإيقاف تلك الظاهرة.
في 12 سبتمبر 1980 حدث انقلاب عسكري بجمهورية تركيا، الذي تزعمه الجنرال كنعان ايفرين مع مجموعة من الضباط، نشأوا على فكرة حماية المبادئ الأساسية للجمهورية التركية كما وضعها اتاتورك، وكان المبدأ الرئيس فيها الفكر الكمالي واعتقادهم بأن سبب تدهور الامبراطورية العثمانية واندحارها عسكرياً كان لارتباطها بالأقطار العربية والإسلامية، وكان تخوفهم من الصعود الملحوظ للتيار الإسلامي في الانتخابات التركية.
وكان الانقلاب مدعوما من الولايات المتحدة الأمريكية، التي فقدت حليفها الرئيسي في المنطقة بعد الثورة الإيرانية عام 1979، فتلقت تركيا مبالغ كبيرة من المساعدات الاقتصادية، من قبل منظمة التعاون والتنمية، والمساعدات العسكرية من حلف شمال الأطلسي.
الانقلاب العسكري التركي المزعوم عام 1993 كان انقلابًا يزعم أنه تم تنظيمه وتنفيذه من قبل عناصر بالجيش التركي من خلال وسائل سرية. على الرغم من أن أوائل التسعينيات كانت فترة من العنف الشديد في تركيا بسبب الصراع الكردي التركي، فقد شهد عام 1993 سلسلة من الوفيات المشبوهة - كوفاة الرئيس تورغوت أوزال، وكذلك وفاة عدد من الشخصيات العسكرية الرائدة التي دعمت جهوده للسلام.
مذكرة 1997 العسكرية أو عملية 28 فبراير وتسمى أيضًا ثورة ما بعد الحداثة ( انقلاب ما بعد الحداثة) التي قام بها الأميرال التركي سالم درفيسوجلو، و عجلت باستقالة رئيس الوزراء نجم الدين أربكان من حزب الرفاه وإنهاء حكومته الائتلافية.
كما أجبرت الحكومة على الخروج دون حل البرلمان أو تعليق الدستور، ويزعم أن العملية بعد الانقلاب نظمتها باتي كاليسما جروبو (جماعة دراسة الغرب)، وهي جماعة سرية داخل الجيش.
لقد كانت عملية 28 فبراير التي تبعت إصدار المذكرة فترة للانتهاك الشديد للحريات الدينية في تركيا، على سبيل المثال إغلاق المؤسسات الدينية ومدرسة الإمام الخطيب وحظر الحجاب في الجامعات. وقد تم تشكيل حزب العدالة والتنمية كرد فعل على الانقلاب، وفاز فوزًا ساحقًا في انتخابات عام 2002 بعد 5 سنوات من الانقلاب.
انقلاب 2016
مع تحياتي
د.عبدالحكيم وادي
|